الأحد، 29 يناير 2012

نظرية الإمامة الإباضية...دين أم سياسة




"وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة، إذ ما
سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل
                                          على الإمامة في كل زمان"
الشهرستاني-الملل والنحل

       أدانت محكمة أمن الدولة جميع المتهمين في قضية التنظيم السري المحظور بالتحضير لقلب نظام الحكم القائم فى البلاد بقوة السلاح بقصد إحلال نظام حكم الإمامة بدلاً منه وذلك بإنشاء تنظيم سري محظور اشتمل على مجلس أعلى ومجالس ولجان فرعية أخرى موزعة على العديد من ولايات السلطنة[1].
       وفي يوم الخميس الثاني من جمادى الاولى 1426 هـ الموافق 9 يونيو 2005م تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، فأصدر عفواً عن السجناء المدانين في القضية الأمنيّة المتعلقة بالتنظيم السري المحظور وعددهم 31 شخصاً، وكانت محكمة أمن الدولة قد قضت بإدانة المذكورين بتهمة محاولة قلب نظام الحكم بالقوة وأصدرت أحكاماً بسجنهم مدداً تراوحت بين سبع وعشرين سنة[2].
       هل انتهت القضية من كافة جوانبها؟ ألا يمكن أن تعود مرة أخرى لتنفجر من جديد وتدمر منجزات النهضة؟ كيف تم علاجها؟ هل العلاج الأمني والعفو ناجعان في مثل هذه القضايا؟ لماذا يقتصر الحل على رجلي السياسة والأمن؟ أين دور المثقف التنويري والفكري في المساهمة في حل مشكلات الوطن؟ هل هي من اللامفكر فيه أم من المستحيل التفكير فيه في ثقافتنا العمانيّة خاصة في جانبها الديني؟
    وحتى نسهم في حل تلك المشكلة حلاً علمياً لا بد لنا من بيان أسبابها العميقة، كما هو معروف في أصول حل المشكلات، لكننا لا نقصد في هذه الدراسة بيان جميع الأسباب التي أدت إلى تشكيل هذا التنظيم، مقتصرين فيها على ما نظنه أبرزها، وهو المتخيل الديني للإمامة باعتبارها "ركن من أركان الإيمان والإسلام"،"وإقامتها إقامة للدين"، "ووجودها وجود للدين الإسلامي".
     حتى نجيب على إشكاليتنا- التي نصوغها كالتالي: ما الذي يدفع مجموعة من المواطنين لمحاولة استعادة الإمامة بدل النظام القائم، وهم في ذلك "يتوهمون" قيامهم بواجب شرعي، بل إقامتهم لها إقامة للدين الإسلامي ذاته، هل الإمامة بكل تلك القداسة؟- سنقوم بتفكيك هذا المتخيل من خلال بيان جذور تكونه التاريخية السياسية والاقتصادية، والرجوع إلى جذور نظرية الإمامة عند الإباضية، وإلى واقعها التاريخي وكيف طبقت.

(1)المتخيل  الديني والاجتماعي للإمامة
       أ-تعريف المتخيل ودوره:  
       تقول إفلين باتلاجين متحدثة عن المتخيل:"إن كل ثقافة لها متخيلها الخاص ومن خلالها كل مجتمع، وربما كل مستوى من مستويات مجتمع مركب له متخيله، وهو يتكون من جملة من التمثلات التي تفيض على الحد الذي وضعته الملاحظات الناتجة من التجارب، ومن تسلسل الاستنباطات التي تسمح له هذه الملاحظات بالوجود[3]"، ويعرفه هاشم صالح:" مجموعة التصورات والصور التي تملأ وعي الفرد والجماعة تجاه شيء محدد أو جماعة أخرى[4]". وهو يلعب دوراً كبيراً في دفع الإنسان للقيام بأعمال ربما تكون في كثير من الأحيان مخالفة لعقل الواقع ومنطق والأشياء.
     ب- متخيل الإمامة من خلال تحفة الأعيان:
        يرجع اختيارنا لكتاب تحفة الأعيان للسالمي في نجاحه-طبعاً مع عوامل أخرى- في توظيف "المتخيل الديني حول الإمامة" من خلال التاريخ في بعده التعليمي المذهبي في إعادة إحياء الإمامة الإباضية عام 1913/1332.
     وسنقوم في هذا الموضع نظراً لاعتبارات معينة بسرد الكثير من النصوص الناطقة بذاتها، والتي لا تحتاج إلى تدخل كبير منا، بالشرح أو التفسير أو التأويل، فلنترك النصوص تتكلم بنفسها وبغير قيود، إلا ما يقتضيه الجانب المنهجي.
    -الإمامة واجب شرعي، إقامتها تعني إقامة الدين، وهي مشربة بروح النظم الشرعية، ومرجعيتها ما كان عليه الخلفاء الأربعة الراشدين:
     ".... ثم خذلوه وتركوه-يقصد راشد بن النظر- ثم خلعوا معه الإمامة وفرضها، وما أوجب الله تعالى فيها على أهلها لعبا ولهواً، كلما أرادوا رجلاً ببيعة صافقوه ثم خذلوه، حتى بايعوا ست عشرة بيعة أو أكثر لم يفوا بواحدة، ولا ساروا بحق الإمامة ولا اتبعوا من قدموه في بيعتهم سبيل الأسلاف من المسلمين[5]"
    "وذلك أن الإمامة العمانية مشربة بروح النظم الشرعية التي يجري عليها الأئمة، وهي الحكومة المبنية على الشورى وانتخاب الإمام والعمل بالشريعة ورد كل شيء إلى حكمها حسب ما كان عليه الخلفاء الأربعة الأول[6]"
    -الإمام مؤيد من الله عزوجل بالتوفيق ومنار له معالم التحقيق، وتظهر عليه الكرامات، وجنود الله أنصاره، وهو سبب لظهور الإسلام وقوته:
     "فإذا كان الأمر هكذا فينبغي لإمام المسلمين أيده الله بالتوفيق وأنار له معالم التحقيق[7]"
    "فعند ذلك عقدوا الإمامة للجلندى بن مسعود, فكانت سبباً لظهور الإسلام وقوة شوكته وكان عادلاً مرضياً[8]"  
       "كان الوارث يسكن قرية هجار من بني خروص، وكان يرى الرؤيا في نومه على ظهور الحق على يده, وأنه كان ذات يوم يحرث في زرع له فسمع صوتاً يقول له: اترك حرثك وسر إلى نزوى وأقم بها الحق، ثم ناداه ثانية وثالثة بذلك, فقال الوارث ومن أنصاري وأنا رجل ضعيف؟ فقيل له أنصارك جنود الله، فقال: إن كان حقاً فليكن مصاب مجزي هذا ينبت ويخضر من الشجرة التي أصله منها فغرسه في الأرض فنبت شجرة لومي[9]"
     ".. وقبر الإمام بعد أنْ يبس الوادي، بين العقر وسعال، وقبره معروف مشهور، وكان كلما سال الوادي جارفاً يدور بقبره ولم يضر بقبره, فكانت هذه كرامة ظاهرة[10]"
     -أوضاع الدولة عند زوال الإمامة شر مطلق فلا وجود للخير والأخيار، وشيوع الشر والأشرار، وانتشار الجهل ومحبة الدنيا، بل والضلال والارتداد على الأدبار:
     "فلما زالت عنهم الإمامة لأمر أراد الله إبرامه ذهبت الأخيار وبقيت الأشرار، وتهاونوا في العلم والتعليم ومالوا إلى الدنيا، فركبهم الجهل، فطبع على قلوبهم بسبب ذنوبهم، وأتتهم العلماء المخالفون بالحجج الباطلة، فتخيلوا السراب ماء لطموس البصيرة، وتمكنت من أزمة قلوبهم، فسلكوا بهم طريقهم الضلالة، كما سلك الذود بين قائد وسائق فارتدوا على أدبارهم والعياذ بالله..[11]"
     -والأئمة مثاليون عادلون فاضلون صادقون، وحتى لو "أحدثوا" فيجب أن نبحث لهم عن مخارج، حتى لو خالفت الدين:
     "قام المهنا بالحق ما شاء الله إلى أن مات, والمسلمون له مجمعون وبأمره يعملون، والولاة في أيامه هم الصادقون؛لم نعلم أن أحدا أظهر عليه منكراً"
   "...وكذلك لا يحل لمن كان في ذلك الزمان أن يظهر البراءة منه عند العامة ولو علم من الأسباب ما يستوجب به البراءة[12]"
      هذا هو متخيل الإمامة كما رسمه السالمي: الإمامة واجب شرعي، إقامتها تعني إقامة الدين، وهي مشربة بروح النظم الشرعية، ومرجعيتها ما كان عليه الخلفاء الأربعة الراشدين،الإمام مؤيد من الله عزوجل بالتوفيق ومنار له معالم التحقيق، وتظهر عليه الكرامات،وجنود الله أنصاره، وهو سبب لظهور الإسلام وقوته، والأئمة مثاليون، وحتى لو "أحدثوا" فيجب أن نبحث لهم عن مخارج حتى لو خالفت الدين والتاريخ، وأوضاع الدولة عند زوال الإمامة شر مطلق فلا وجود للخير و للأخيار، وشيوع الشر والأشرار، وانتشار للجهل ومحبة الدنيا، بل والضلال والارتداد على الأدبار.


(2) جذور النظرية السياسية الإباضية
    يتضح من خلال صورة متخيل الإباضية للإمامة، أنه يتركز على ناحيتين؛ شرعية وتاريخية، اكتسب من خلالهما أهميته وقوته التأثيرية الفاعلة التي نجحت في استقطاب الكثير من الأتباع في مراحل تاريخية مختلفة، فنبدأ بتحليل الجانب الأول؛ الجانب الشرعي.
     أ- أدلة مشروعية الإمامة عند الإباضية:
     يرى الإباضية أن الإمامة فرض واجب، وقد ثبتت فرضيتها  من الكتاب والسنة والعقل،أما أدلة القرآن فهي:
   -(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران 104
  -"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا"  النساء 58-59
  - " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ" النساء 59
  - " وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ" سورة النور 8
  -"وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ" سورة السجدة 24
    أما الأدلة من السنة النبوية فهي:
   - " سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله؛ إمام عادل … "
   -" كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته …"
   -"تخيروا لإمامتكم"
  -"أطيعوهم ما لم يمنعوكم الصلوات الخمس"
      أما الدليل العقلي فهو أن الله شرع في القرآن أحكاماً لا يتصور تنفيذها دون وجود دولة تتولى تنفيذها كقتل القاتل وقطع اليد، ومعاقبة الساعي في الأرض فساداً وغيرها من الأحكام التي تستلزم وجود سلطة تطبق ما شرع الله[13].
  ب-الإباضية وقرشية الإمام:
       "الواقع أن الإباضية لا يرون اشتراط القرشية في عقد الإمامة،...، إنما الخلافة حق مشاع بين جميع من تتوفر فيه الكفاءة المرجوة من المسلمين عامة،...، أما حديث الأئمة من قريش فيحمله الإباضية من باب الترجيح باعتبار ما كانت عليه قريش في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من مكانة وسيادة بين قبائل العرب[14]
    والواقع أنه ليس الإباضية أو الخوارج هم أول من قال بعدم حصر الخلافة في قريش"وإنما سبقهم إليه كبار الصحابة عندما ناقضوا أول خليفة في الإسلام فقد قال بعض الأنصار للمهاجرين منا أمير ومنكم أمير، ولو لم يكن الأنصار يعرفون أنه يجوز أن يتولى الإمارة غير قرشي لما قالوا ذلك[15]"
      في كتابه الأحكام السلطانية والولايات الدينية يذكر الماوردي سبعة شروط لأهل الإمامة، والسابع منها النسب؛ أي أن يكون من قريش، ويدلل على هذا الشرط بورود النص فيه وانعقاد الإجماع عليه، يقول:"..لأن أبا بكر-رضي الله عنه- احتج يوم السقيفة على الأنصار في دفعهم عن الخلافة لما بايعوا سعد بن عبادة عليها بقول النبي-صلى الله عليه وسلم-:"الأئمة من قريش " فأقلعوا عن التفرد بها ورجعوا عن المشاركة فيها(أي الإمامة فيها)، حين قالوا: منا أمير ومنكم أمير، تسليماً لروايته وتصديقاً لخبره، ورضوا بقوله: نحن الأمراء وأنتم الوزراء، وقال النبي-صلى الله عليه وسلم:"قدِموا قريش ولا تقدَموها"..[16]"
    ويقول الشهرستاني:"..وإنما سكتت الأنصار عن دعواهم-أي مطالبتهم بالخلافة والحكم-لرواية أبي بكر عن النبي عليه الصلاة والسلام الأئمة من قريش[17]"
   ويقول الأشعري:"وأرادوا عقد الإمامة لسعد بن عبادة..فأعلمهم أبوبكر أن الإمامة لا تكون إلا في قريش واحتج عليهم بقول النبي الإمامة في قريش، فأذعنوا لذلك منقادين ورجعوا إلى الحق طائعين، بعد أن قالت الأنصار منا أمير ومنكم أمير[18]"
      وأيضا فمن المشهور أن عمر جعل الخلافة شورى في ستة من الصحابة كلهم من قريش، ولم يعترض عليه أحد من الصحابة فصار بمنزلة الإجماع على قرشية الإمام أو الخليفة.
    وهنا نتساءل ألا يخالف الإباضية الإجماع- وهو المصدر الثالث للتشريع عندهم، وهو هنا  إجماع الصحابة، مما يمثل أعلى درجاته- في قرشية الإمام أي الحاكم، مستندين على تأويل حديث"الأئمة من قريش" مع أولوية الدلالة الأقرب للحديث لوضوحها ولعدم وجود قرينة تصرفها عن المعنى القريب، ألا يفتحون بذلك التأويل الباب إلى رد الكثير من الأحكام متى ما خالفت ما يريدون؟
    هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى الخاصة بالأدلة الشرعية من القرآن والسنة والعقل، فنتساءل:
هل تدل هذه الآيات والأحاديث دلالة قاطعة لا مجال للاجتهاد فيها والخلاف عليها على أن الإمامة فرض واجب، ويجب أن يختار الإمام بالطريقة التي يختار بها الإباضية أئمتهم؟
     أما الأدلة من الآيات والأحاديث التي يستشهدوا بها فهي ليست ذات دلالة قاطعة أي هي ظنية الدلالة حيث نزلت في مناسبات وسياقات مختلفة وليست للتشريع للإمامة العظمى، لكنهم  اجتهدوا في تأويلها لصالح نظرية الإمامة والحكم، أما بالنسبة لدليل العقل فهو دليل ظني غير قطعي، وقابل للتغير متى ما تغيرت العقول والظروف.
      في كتابه السلطة في الإسلام يرى عبد الجواد ياسين أنّ النظرية السياسية في الإسلام نظرية وضعية لم يؤسسها النص الشرعي،بل التاريخ. وقبل ذلك توصل علي عبد الرازق في كتابه الإسلام وأصول الحكم إلى أن ما يسمى الخلافة الإسلامية لا يقوم على أساس شرعي لا من القرآن ولا من السنة، فهي غير شرعية والإسلام منها بريء.
      إذن ما الأسباب الحقيقية أي التاريخية التي خلقت النظرية السياسية عند الإباضية ووجهتا تلك الوجهة وصبغتها بهذه الصبغة من المبادئ والأحكام؟
     ترجع جذور نشأة نظرية الإمامة الإباضية لفترة حكم عثمان، وفي قراءته لرسالة ابن إباض لعبدالملك بن مروان، يوضح عبدالملك الهنائي الأسباب التي دعت الثوار للخروج على عثمان، يقول:"مما تقدم يتضح أنّ الخروج أو ما يسمى في الوقت الحاضر بالثورة على عثمان لم تكن ثورة دينية بحتة، فبالرغم من أن أول شيء ذكره ابن أباض مما ينقم على عثمان هو أنه منع مساجد الله أن يقص فيها كتاب الله، فإن ما أوردته الرسالة لاحقاً يدور كله حول الحمى وتوزيع الصدقات والاكتناز ووضع قيود على التجارة لذلك فهي بكل المقاييس ثورة القبائل العربية ضد هيمنة قريش واستئثارها بالسلطة والمال، كما أنها ثورة المقاتلة ضد السياسة المالية التي اتبعها عثمان، وهي ثورة الأمصار ضد الحجاز والمدينة[19]، فهو يرى أنّ السبب الحقيقي هو سياسات عثمان الاقتصادية واستئثار قريش بالسلطة، وتمرد العسكر، والتجاذب بين المركز والأطراف، وليس سبباً دينياً صرفاً، وهذا الخروج أو الثورة كان البداية الحقيقة لتكون النظرية الإباضية في الحكم، من حيث خلقها للمبررات التاريخية، لقيام فكر معين.
    ونخلص هنا إلى أن قضية الإمامة قضية خلافية كان للواقع التاريخي الدور الأكبر في شرعنتها عند كل جماعة أو مذهب إسلامي، فقد توفي النبي عليه السلام ولم يترك نص لا من القرآن ولا السنة قاطعاً-لا يختلف في الاستدلال به أو عليه- في طريقة اختيار الإمام أو الحاكم، ولا في إقامة الإمامة ذاتها، وكان مصدر التشريع  في هذه القضية العقل البشري  والظرف السياسي والتاريخي والاقتصادي، ومصلحة كل فرقة أو جماعة.
    
(3)الإمامة في التاريخ طوباوية النظرية وواقع التطبيق
      في كتابه عمان الديمقراطية الإسلامية، يدرس حسين غباش تقاليد الإمامة الإباضية وتاريخها، ويصفها بالديمقراطية الإسلامية، التي تواصلت ما يقارب ألف ومئتين عام بكل ايجابياتها، ويفسر جوانبها المختلفة من خلال استخدام مفاهيم الحكم الديمقراطي الحديث؛كالدستور والمواطنة واستقلال القانون.. وغيرها، وفي هذا المجال نناقشه في قضيتين؛ الاستمرار، واستخدام المفاهيم الحديثة لتفسيرها.
    يرى غباش أنّ الإمامة استمرت ما يقارب 1200 سنة خلا بعض فترات الانقطاع، وهو يريد أن يقول أنّ الاستمرار هو الأساس، والانقطاع عرضي، لكن بالرجوع للتاريخ، سنرى أنّ الانقطاع والفوضى والحرب الأهلية هي المستمرة.
   لنأخذ الفترة من عام 132هجري إلى عام 1741وهو العام الذي اختير فيه الإمام أحمد بن سعيد-لتحول الحكم للنظام السلطاني بعده-، ونقسمها إلى الفترات التالية:
-132هـ -134هـ استمرار،
-134هـ-179هـ انقطاع،
-179هـ-272هـ استمرار،

-272هـ - 1110هـ وجود إمامتين منتاحرتين وهو مخالف لرأي المذهب الرسمي، بالإضافة لحكم ملوك بني نبهان، والغزو البرتغالي،

-دولة اليعاربة 1624-1688 انتخاب الأئمة،
-1688-1718 انتخاب بلعرب بن سلطان،
 -1718-1737 حرب أهلية،
-1737-1741 الغزو الفارسي،
1741 بداية حكم آل سعيد.

    يلاحظ القارئ أن الانقطاع والفوضى والحروب القبلية والأهلية والاحتلال الخارجي هي السائدة في الفترة الممتدة من عام 132/ إلى /1741
      ربما كانت الفترة من عام 179هـ إلى 272هـ فترة "ذهبية" للإمامة، فقد تواصلت من خلال الأئمة الوارث بن كعب وغسان بن عبدالله وعبدالملك بن حميد والمهنا بن جيفر والصلت بن مالك إلى عام 272هـ، وبعد انقطاع لعدم وجود إمامة بالمعنى الشرعي الإباضي لقرون، يأتي اختيار ناصر بن مرشد إماماً عام 1624، ومن بعده سلطان بن سيف عام 1649... إلى عام 1688، عام انتخاب بلعرب بن سلطان، "هذا الانتخاب أدى عملياً إلى تبني نظام سلالي، وكذلك إلى خرق التقاليد الإباضية[20]" كما يقول مؤلف الكتاب، ودور العلماء هو شرعنة حكم الإمام وليس اختياره اختياراً شرعاً كما تنص الأحكام الشرعية أو التقاليد .
     أين الاستمرار الذي يريد أن يوهم به القارئ ؟
     نعود لمناقشة هذه الفترة"الذهبية" من تاريخ الإمامة، ونتساءل هل تم  تطبيق ما تنص عليه أبرز بنود نظرية الإمامة من خلال مبدأي الإجماع والتعاقد/الشورى والبيعة؟
        1-اختيار غسان بن عبدالله عام 192هـ والإجماع:
      "قال أبو زياد: لما غرق الوارث بن كعب رحمه الله قال سليمان بن عثمان لمسعدة بن تميم عند فلج ضوت في البطحاء نكتب إلى أهل السر يأتون, قال مسعدة إنما يريد ابن عثمان أن نؤخر هذا الأمر حتى يجتمع إلينا الناس, أو قال غوغاء الناس فيختلفوا علينا، ولكنا نقطع الأمر[21]"
     أين الإجماع، ما هو الدور الحقيقي للناس أو الأمة؟ أليست البيعة مجرد إجراء شكلي يهدف إلى إخضاعهم، وليس موافقتهم، أو على الأقل استشارتهم؟
       2-المهنا بن جيفر:
        - ملك أم إمام
         "كان المهنا رجلاً مهيباً، وكان له حزم في رأيه، وكان لا يتكلم أحد في مجلسه ولا يعين خصما على خصم, ولا يقوم أحد من أعوانه ما دام قاعداً حتى ينهض، ولا يدخل أحد العسكر ممن يأخذ النفقة إلا بالسلاح، وكان له ناب يفتر عنه إذا غضب فتظهر منه هيبة عظيمة[22]"  
      -رفض المهنا قرار العزل
       "قال عبدالله بن جعفر الضنكي : كان الإمام المهنا قد أسن وكبر حتى أقعد، فاجتمع إلى موسى جماعة من الناس- وهو يومئذ قاض- فقالوا له: إن هذا الرجل قد أسن وضعف عن القيام بهذا الأمر ؛ فلو اجتمع الناس على إمام يقيمونه مكانه كان أضبط وأقوى على ذلك, فخرج موسى بن علي حتى وصل إلى الإمام، فلما دخل عليه جعل يسأله وينظر حاله، فعرف الإمام معناه، فقال يا أبا علي: جئت إلىّ والله لأن أطعت أهل عمان على ما يريدون لا أقام إمام معهم سنة واحدة, وليجعل لكل حين إمام يولون غيره ارجع إلى موضعك فما أذنت لك في الوصول ولا استأذنتني ولا تقم بعد هذا القول[23]"
     -براءة محمد بن محبوب وبشير بن المنذر من الإمام المهنا:
     "قال أبو الحواري : كتب بعض المسلمين من أهل العلم إلى بعض أنه حدثه بعض من لا يتهمه أن محمد بن محبوب والوضاح بن عقبة وسعيد بن محرز وغيرهم من أعلام المسلمين رحمة الله عليهم أجمعين اجتمعوا ذات يوم وكتبوا كتابا قالوا فيه: إلى من بلغه كتابهم من المسلمين من أهل عمان ؛ سلام عيكم , فإن نعلمكم أنه قد كان من فلان الإمام ؛ يريدون أن يظهروا لهم ما قد ظهر لهم ؛ ويعلونهم أنهم لا يتولونه على ذلك ولا يتولون من علم منه ذلك.
      ثم جاءهم أبو المؤثر الصلت بن خميس رحمه الله فقال لهم: أرأيتم من كنتم تتولونه من أخوانكم وهو متمسك بولاية هذا الإمام الذي قد ظهر لكم منه ما قد ظهر؛ أليس هم على ولايتهم معكم حتى تقوم الحجة عليهم بمعرفة حدثه أو بإقامتكم الحجة عليهم بالذي كان منه؛ فإن نسألك بالله يا أبا عبدالله لما أمسكتم كنا بكم, فإنه لا يعدم من مجادلة فتفترق أهل عمان[24]"
3-الصلت بن مالك اعتزال/ عزل الصلت واختلاف العلماء:
     وفي عام 272هـ تم عزل/اعتزال الإمام الصلت، وقد اختلف الناس في ذلك اختلافا كثيراً, فمن عذر موسى وراشداً في خروجهما-أي الإنقلاب على الصلت بالتعبير المعاصر- ذكر أسباباً تسوغ لهما صنيعهما, ومن خطأهما على ذلك ذكر أسباباً منكرة وأحوالاً غير جميلة, وكثرت في ذلك الدعاوى.
      ثم ظهرت أناس بعد ما مضى ما شاء الله من الزمان، وبعد انقراض تلك العصور فغلوا في أمر موسى وراشد, وأوجبوا البراءة منهما على الناس، ورأس هذه الفرقة وعميدها الذي اشتهر فيها أبو محمد عبدالله بن محمد بن بركة، ومن أخذ عنه من أهل عمان منهم أبو الحسن علي بن محمد البسياني، وتبعهم على ذلك خلق وسميت فرقتهم الرستاقية.
      وممن اشتهر في الرد عليهم أبوعبدالله محمد بن روح بن عربي وأبو سعيد محمد بن سعيد الكدمي, وفي الرد عليهم ألف كتاب الاستقامة بأسره, وتبعهم على ذلك وسميت فرقتهم النزوانية[25].
      هذا على المستوى الفكري الذي لم يكن منبتاً عن الواقع بطبيعة الحال، فقد تجسد هذا الاختلاف في واقع التاريخ العماني حيث وجد في فترات تاريخية إمامتين متناحرتين.
     لمن يرجع الناس عندما يختلف العلماء أهل الحل والعقد؟
     ليس سوى الحرب الأهلية المدمرة، والاحتلال الخارجي من قبل الآخرين.
المفاهيم الحديثة وتسويق الوهم
     وظف الباحث مفاهيم حديثة في النظرية السياسية كالدستور والأمة والمواطنة والإجماع-بالمعنى السياسي-التعاقد والفصل بين السلطات..إلخ، مما أدى إلى سقوطه في مغالطات تاريخية كبيرة بالرغم من أنه أعلن في بداية الدراسة من أن البحث لا يهدف إلى اختزال التجربة الإباضية بمقارنتها بالديمقراطية الغربية، وإلا أنه سيسقط في مغالطة تاريخية[26]، لا أدري ماذا يعني استخدامه لتلك المفاهيم الحديثة التي تكونت في بيئات ثقافية وتاريخية أخرى، سوى ممارسة إسقاطية، ووقوع في مغالطة تاريخية، بل عدة مغالطات كبرى، ومن أبرز مغالطاته التاريخية ما يلي:
".. وكان التطبيق الدقيق لمبادئ الإجماع والتعاقد الضامن للفصل بين  السلطتين التشريعية والتنفيذية"
"وكل مس بهذا الفرد المواطن الإنسان هو مس بأمته وبمجتمعه.."
"لقد دخلت الديمقراطية إلى عمان، مع المذهب الإباضي أي مع الدين، وهذا الشكل من الديمقراطية الأول من نوعه في العالم[27]"
     لا يخفى على القارئ مدى المغالطة التاريخية في الأمثلة السابقة، فهل كان يوجد فعلاً سلطة للتشريع وسلطة للتنفيذ وأخرى للقضاء كما هو معروف اليوم،حتى يستطاع الفصل بينها، وهل يمثل العلماء سلطة للتشريع في الدين الإسلامي، أليس هذا تعدياً على سلطة التشريع الإلهي حيث لا مشرع في الإسلام إلا الله عز وجل؟
    وفي المثال الثاني نتسائل هل كان هناك وجود لمفاهيم مثل فرد/ مواطن - أمة/ مجتمع، حتى توجد هذه العلاقة بين الجانبين؟
     وفي المثال الثالث فات الباحث أنّ مبدأ الشورى كان معروفاً قبل الإسلام، جاء في كتاب شبه الجزيرة العربية بين أسباب الصعود وأسباب النزول:"الشورى نظام اجتماعي بشري كان مطبقاً قبل الإسلام بمعرفة القبائل في شبه الجزيرة العربية مئات الأعوام[28]"
      وتأتي خطورة هذا "الاستخدام المفرط" لهذه المفاهيم في ما تمارسه من إيهام وخداع للقارئ لتصور له تلك التجربة تصويراً غير تاريخي، حيث المثاليّة والنموذجيّة نظرياً وتطبيقياً.
 
      وفي الختام نخلص إلى أنّ نظرية الحكم عند الإباضية لا تعدو كونها "مقالة" حول قضية شرعية خلافية، من بين عدة مقالات في الإطار الإسلامي، وتجربة تاريخية بشرية نشأت وتطورت في ظل ظروف معينة، لها إيجابيات لم تغادر النظر إلى الواقع التاريخي، لكن لها-أيضاً- سلبيات، وسلبياتها أكبر.



     




قائمة المصادر والمراجع:
- الأشعري (علي بن إسماعيل).- مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين.-الطبعة الأولى.-بيروت:المكتبة العصرية،1426/2005.
- أركون(محمد).-قضايا في نقد العقل الديني كيف نفهم الإسلام اليوم؟.-الطبعة الثالثة.-بيروت: دار الطليعة،2004.
- باتلاجين، إفلين –"تاريخ المتخيّل".-ضمن كتاب التاريخ الجديد؛ إشراف جاك لوغوف؛ترجمة: محمد الطاهر المنصوري-الطبعة الأولى.-بيروت: المنظمة العربية للترجمة، يوليو 2007.
- الزيني (إبراهيم)  وحسن (إسماعيل). -الجزيرة العربية بين أسباب الصعود وأسباب النزول.

- السالمي (عبدالله بن حميد).-تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان.-بدون طبعة.-السيب:مكتبة الإمام نور الدين السالمي.
-الشهرستاني(أبو الفتح محمد بن عبدالكريم). -الملل والنحل.-الطبعة الثامنة.-بيروت:دار المعرفة،1421/2001.
-عدون جهلان.-الفكر السياسي عند الإباضية من خلال آراء الشيخ محمد بن يوسف اطفيش 1236-1332/1818-1914.-الطبعة الثانية.-مكتبة الضامري: 1411/1991.- غباش(حسين عبيد غانم)-عمان الديمقراطية الإسلامية، تقاليد الإمامة والتاريخ السياسي الحديث(1500-1970)؛ ترجمه: أنطون حمصي.-الطبعة الأولى.-بيروت: 1997.
- الماوردي، أبوالحسن -الأحكام السلطانية والولايات الدينية؛تح: عماد زكي البارودي.-لاطبعة.-القاهرة:المكتبة التوفيقية، لا سنة نشر.
- الهنائي (عبد الملك بن عبدالله) –"قراءة في الاقتصاد السياسي لرسالة ابن إباض لعبدالملك بن مروان"- كتاب الملتقى العلمي الأول حول تراث السلطنة قديماً وحديثاً.-عمّان: جامعة آل البيت 1423/2002.
- وكالة الأنباء العمانية



[1]-من موقع وكالة الأنباء العمانية مسقط فى 2 مايو2005. http://www.omannews.gov.om/ona/
[2] -من موقع وكالة الأنباء العمانية مسقط في 10يونيو 2005. http://www.omannews.gov.om/ona/
[3] -إفلين باتلاجين-تاريخ المتخيّل، ص481،ضمن كتاب التاريخ الجديد؛ إشراف جاك لوغوف.
[4] -محمد أركون-الفكر الإسلامي نقد واجتهاد، ص 197.
[5] -السالمي، تحفة الأعيان، 1/272.
[6] -السالمي، المرجع السابق، 1/
[7] - السالمي،المرجع السابق،1/
[8] -السالمي، المرجع السابق،1/85
[9] - السالمي،المرجع السابق،1/113-114 بتصرف واختصار.
[10] - السالمي، المرجع السابق، 1/118
[11] -السالمي،المرجع السابق،1/
[12] -السالمي، المرجع السابق،  1/158-159
[13] -عدون جهلان، الفكر السياسي عند الإباضية من خلال آراء الشيخ محمد بن يوسف اطفيش، ص
[14] -عدون، المرجع السابق، ص 184-185
[15] -عدون،المرجع السابق، ص 185
[16] - الماوردي، الأحكام السلطانية، ص 19-20
[17] -الشهرستاني، الملل والنحل-1/32
[18] -الأشعري، مقالات-1/21-22
[19] -عبد الملك الهنائي،قراءة في الاقتصاد السياسي لرسالة ابن إباض لعبدالملك بن مروان،170، ضمن كتاب الملتقى العلمي الأول حول تراث السلطنة قديماً وحديثاً، جامعة آل البيت 1423/2002

[20] - حسين عبيد غانم غباش،عمان الديمقراطية الإسلامية؛ ترجمه: أنطون حمصي،ص74.
[21] - السالمي، التحفة، 1/120.
[22] -السالمي، التحفة، 1/148
[23] -السالمي، المرجع السابق، 1/149
[24] -السالمي، المرجع السابق، 1/158-159.
[25] -السالمي، التحفة،1/209-210.
[26] -انظر ص21 من كتابه.
[27] -غباش، عمان الديمقراطية الإسلامية، ص24-25.
[28] - إبراهيم الزيني-حسن إسماعيل،الجزيرة العربية بين أسباب الصعود وأسباب النزول، ص132

هناك 20 تعليقًا:

  1. عتبر الإباضية من أكبر وأهم فرق الخوارج , حيث لا يزال لها أتباع ومعتنقون حتى الآن في أماكن كثيرة من العالم, ومع أن أتباعها ينفون باستمرار نسبتهم للخوارج, إلا أن كثيرا من الأفكار والمعتقدات في كثير من المسائل تؤكد انتسابهم وصلتهم بالخوارج.

    والخوارج كما يعلم القارئ فرقة كبيرة من الفرق الاعتقادية, تمثل حركة ثورية عنيفة في تاريخ الإسلام السياسي, وقد شغلت الدولة الإسلامية فترة طويلة من الزمن, وقد بسطوا نفوذهم السياسي على بقاع واسعة من الدولة الإسلامية في المشرق والمغرب العربي, وسموا بالخوارج لخروجهم على علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

    المؤسس وأبرز الشخصيات:

    تنسب الإباضية إلى عبد الله بن يحيى بن إباض المري من بني مرة بن عبيد, وينسب إلى بني تميم, ويرجع نسبه إلى إباض وهي قرية العارض باليمامة، وقد عاصر معاوية وتوفي في أواخر أيام عبد الملك بن مروان.

    ويعتبر الإباضية جابر بن زيد الأزدي, كونه زعيم الإباضية حسب مصادرهم, فيقدمونه على كل أحد ويروون عنه مذهبهم, يعد من أوائل المشتغلين بتدوين الحديث آخذاً العلم عن عبد الله بن عباس وعائشة و أنس بن مالك وعبد الله بن عمر وغيرهم من كبار الصحابة، مع أن جابرا قد تبرأ منهم.

    أبو عبيدة مسلمة بن أبي كريمة: من أشهر تلاميذ جابر بن زيد، وقد أصبح مرجع الإباضية بعده مشتهراً بلقب القفاف توفي في ولاية أبي جعفر المنصور.

    الربيع بن حبيب الفراهيدي الذي عاش في منتصف القرن الثاني للهجرة وينسبون له مسنداً خاصاً به مسند الربيع بن حبيب وهو مطبوع ومتداول.

    ردحذف
  2. هل الإباضية من الخوارج؟

    اتفقت كلمة علماء الفرق على عد الإباضية فرقة من فرق الخوارج وإن حاول البعض نفي ذلك (كأبي اسحاق أطفيش ويحيى معمر الذي هاجم جميع علماء الفرق واعتبر عد الإباضية من الخوارج ظلما وخطأ تاريخيا كبيرا), ولم يقتصر ذلك على المخالفين للإباضية, بل إن بعض علماء الإباضية المتقدمين يعتبرون الإباضية من الخوارج, ولا نجد في كلامهم ما يدل على أي كراهية لعد الإباضية فرقة من الخوارج.

    أهم عقائدهم

    بالنسبة للإلهيات:

    فالإباضية في موضوع صفات الله تعالى على قسمين: فريق نفى الصفات نفيا تاما خوفا من التشبيه بزعمهم, والفريق الآخر يرجعون الصفات إلى الذات, فيقولون: إن الله تعالى عالم بذاته وسميع بذاته, فالصفات عندهم هي عين الذات موافقين بقولهم هذا المعتزلة والأشاعرة, وهو في الحقيقة نفي للصفات مغطى بحيلة إرجاعها إلى الذات, وهذا مخالف لمذهب السلف الذين يثبتون الصفات لله تعالى كما وصف نفسه في القرآن والسنة من غير تشبيه ولا تحريف ولا تكييف ولا تمثيل كما قال أهل السنة والجماعة.

    وفي عقيدة الإباضية في استواء الله تعالى وعلوه ما يخالف أهل السنة والجماعة, فقد فسروا الاستواء باستواء أمره وقدرته فوق خلقه, وهم يزعمون أن الله تعالى لا يختص بجهة أبدا فهذا مستحيل, وبالتالي فهو سبحانه في كل مكان, وهذا بلا شك قول غلاة الجهمية, وهو مخالف للمنهج الشرعي الذي يمنع التأويل في المسائل الاعتقادية.

    وفي صفة الكلام لله تعالى يخالف الإباضية أهل السنة ويوافقون المعتزلة بقولهم: إن القرآن مخلوق, بل ذهب بعض علمائهم كابن جميع والورجلاني أن من لم يقل بخلق القرآن فليس منهم, ومن المعلوم أن منهج السلف واضح من هذه القضية, فقد وقف الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى موقفا يشهده التاريخ في التصدي لهذه المسألة, مثبتا أن القرآن كلام الله تعالى.

    وأما موضوع الغيبيات:

    فقد أنكر بعض الإباضية عذاب القبر ونعيمه موافقين بذلك للخوارج, بينما عقيدة السلف ثبوت عذاب القبر ونعيمه بنصوص كثيرة من الكتاب والسنة .

    ردحذف
  3. ).
    ت
    وأما الميزان الذي جاءت النصوص الشرعية باثباته, فإن الإباضية تنكر الميزان بهذا الوصف, فهم يثبتون وزن الله تعالى للنيات والأعمال بمعنى تمييزه بين الحسن منها والسيئ فقط دون إثبات الكفتين الحقيقيتين للميزان, وكذلك يفعلون بالصراط فهو عندهم ليس بجسر على جهنم.

    وفي باب رؤية الله تعالى يوم القيامة:

    أنكر الإباضية هذه الرؤية لأن العقل - كما يدعون – يحيل ذلك ويستبعده ,مستدلين بقوله تعالى: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) وقوله تعالى (قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني) والحقيقة أن هذه الأدلة مؤولة حسب هوى الإباضية في نفي الرؤية, فالآية الأولى ليس فيها نفي الرؤية بل نفي الإحاطة والشمول, والآية الثانية تختص بالدنيا لا بالآخرة, فالرؤية عند السلف أمر معلوم من الدين بالضرورة, لا يماري فيها أحد بعد ثبوتها في الكتاب والسنة.

    أما مرتكب الكبيرة عندهم فهو كافر كفر نعمة أو كفر نفاق ولا يخرج من الملة, والناس عند الإباضية ثلاثة أصناف: مؤمنون أوفياء بإيمانه, ومشركون واضحون في شركهم, وقوم أعلنوا كلمة التوحيد وأقروا بالإسلام لكنهم لم يلتزموا به سلوكاً وعبادة فهم ليسوا مشركين لأنهم يقرون بالتوحيد، وهم كذلك ليسوا بمؤمنين لأنهم لا يلتزمون بما يقتضيه الإيمان، فهم إذن مع المسلمين في أحكام الدنيا لإقرارهم بالتوحيد وهم مع المشركين في أحكام الآخرة لعدم وفائهم بإيمانهم ولمخالفتهم ما يستلزمه التوحيد من عمل أو ترك.

    يعتقدون بأن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير مشركين، ومناكحتهم جائزة وموارثتهم حلال، وغنيمة أموالهم من السلاح والخيل وكل ما فيه من قوة الحرب حلال وما سواه حرام.
    ــــــــــــــ

    ردحذف
  4. موقفهم من الصحابة عجيب ومريب, ففي حين يترضون عن أبي بكر وعمر, فإنهم يتكلمون عن عثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين, ورغم نفي بعضهم لهذا الموقف إلا أن كتبهم مليئة بالذم والسب على عثمان وعلي رضي الله عنهما ككتاب كشف الغمة وكتاب الأديان لمؤلفين إباضيين.

    الجذور العقائدية:

    يعتمد الإباضيون في عقيدتهم على الكتاب والسنة (مسند الربيع بن حبيب) والرأي والإجماع, وقد تأثروا بمذهب أهل تأثرا كبيرا, فهم يقفون عند بعض النصوص الدينية موقفا حرفيا ويفسرونه تفسيرا ظاهريا, كما تأثروا بالمعتزلة بمسألة خلق القرآن.

    أماكن النفوذ والانتشار:

    أول نشأة للإباضية بدأت في البصرة وما حولها ثم في عُمان وخراسان، تبعًا لفلول الخوارج في عهد الدولة الأموية, ولكنها تركزت فيما بعد في عُمان, وقد قامت للإباضية دولة مستقلة في عُمان وتعاقب على الحكم فيها إلى العصر الحديث أئمة إباضيون منهم الجلندي بن مسعود وأحمد بن سعيد الذي بويع إماما سنة 1161هجرية.

    وفي الشمال الإفريقي ظهرت أول حركة للإباضية على يد الحارث وعبد الجبار اللذين واجها الدولة الأموية في عهد مروان بن محمد, وفي عهد الدولة العباسية أعلن عبد الأعلى بن السمح الخروج على الدولة العباسية بعد أن دانت له طرابلس والقيروان وبرقة وفزان, وأقام دولة (بني رستم الإباضية) الرستمية حتى أنهى حكمهم العبيديون الفاطميون.

    حكم الشريعة الإسلامية فيهم:

    بما أن الإباضية فرقة من الخوارج فحكمهم حكم الخوارج الذي تباينت فيه الآراء:

    فقد عامل علي رضي الله عنه الخوارج بعد معركة النهروان، معاملة البغاة، فلم يكفرهم و منع جنده من تعقب فاريهم والإجهاز على جريحهم ولم يسبهم، ولم يقسم جميع أموالهم و لم يحل شيء منها باتفاق الأئمة, كما في سنن البيهقي ومصنف عبد الرزاق بسند صحيح.

    و قد ثبت إسلامهم من قول علي رضي الله عنه فيما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد رجاله ثقاة عن طارق بن شهاب قال: كنت عند علي فسُئل عن أهل النهر أهم مشركون؟ قال: من الشرك فروا، قيل فمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً، قيل له: فمن هم؟ قال: قوم بغوا علينا فقاتلناهم.

    وهناك من أهل العلم من يقول بتكفيرهم، حيث نظر الذين كفروا الخوارج أو كفروا بعضهم ومنهم الإباضية إلى ما أحدثوه من عقائد وأحكام مخالفة لما هو معلوم من الدين بالضرورة مستدلين بالحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (يخرج في هذه الأمة قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم –أو : حناجرهم– يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، فينظر الرامي إلى سهمه، إلى نصله، إلى رصافه؛ فيتمادى في الفوقة هل علق بها من الدم شيء)

    و ممن تورع عن تكفيرهم: الخطابي و ابن بطال كما في فتح الباري, والشاطبي في الاعتصام والشافعي كما ذكر ذلك صاحب كتاب آراء الخوارج و شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة.

    والرأي اليوم مناقشتهم ومحاورتهم ما دام هناك قابلية لذلك, فقد حاورهم عبد الله بن عباس في زمن علي رضي الله عنهما, ولا بأس بحوارهم وارجاعهم إلى حضن السنة والجماعة ما أمكن, فهذا هو الهدف الأسمى في الإسلام, خاصة إن وجد من يرغب بذلك من أهل العلم فيهم, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: (لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم).

    ــــــــــــــ

    ردحذف
  5. ن المهم أن نعلم أن إضافة فرد أو مجموعة إلى الفرق الضالة لا بد أن يُبنَى على معرفة تامة بحال تلك الفرقة التي نُسِب إليها ذلك الفرد أو تلك المجموعة, لأن الحكم بذلك أمر عظيم , فالواجب أن يُتقى الله في ذلك وأن يُبنَى الحكم على معرفة تامة بعيدة عن المنزع العاطفي, أو الموقف المبني على غضب طائش على ذلك الفرد أو تلك المجموعة , وبناء على ذلك نقول مستحضرين خوف الله تعالى ووجوب الصدع بالحق , لا نخاف في ذلك لومة لائم :
    اعلم أن مذاهب أهل البدع من الفرق الضالة, تُبنَى على مسائل معيَّنة تميزت بها تلك الفرق , فمن كانت عنده هذه المسائل فهو من أهل ذلك المذهب البدعي لا يخفى أمره على من عرف الفرق وعرف ما يميز كل فرقة عن غيرها .
    فالأمور ليست خفية غامضة يلفها الضباب !
    فمثلا : من قال بمقولات الشيعة المعروفة في القرآن وسب الصحابة والغلو في آل البيت فهو من الشيعة، حتى ولو قال: إنه ليس بشيعي .
    وهكذا الخوارج والجهمية والمعتزلة وغيرهم، فإن البصير بالفِرق يمكنه تحديد مسار كلٍّ منهم بسهولة ,
    والسبب في ذلك أن أي فرقة ضالة سُمِّيت باسم معيَّن - ميزها عن غيرها - فإنها لم تُسمَّ بذلك الاسم إلا لوجود مخالفة اعتقادية لديها في باب أو أبواب من الاعتقاد ,فسُمِّيت بناء على وجود تلك المخالفة بذلك الاسم .
    وقد تنسب الفرقة إلى رجل معين , بسبب أنه أول من أظهر هذه المخالفة الاعتقادية , فصار من تبعه عليها ينسب إليه , بالنظر إلى أنه أول من أحدث في الأمة تلك المخالفة.
    فمثلاً الخوارج سُمُّوا بهذا الاسم لأخذهم بمبدأ الخروج بالقوة والسيف على مخالفيهم.
    والجهمية سُمُّوا بهذا الاسم لمتابعتهم رأس هذه الفرقة : الجهم بن صفوان , في عقائد معروفة، خالف بها الكتاب والسنّة وما كان عليه السلف الصالح، وهكذا بقية الفرق.
    فلنأت الآن ولنطبق هذا- بإنصاف وتقوى لله - على الإباضية .
    هل هم من الخوارج ؟ أو ليسوا من الخوارج, كما يقررون في كتبهم ولقاءاتهم ومراسلاتهم للناس عبر وسائل الاتصال الحديثة ؟
    وأجزم مرة أخرى إلى أنه لن يوفق المرء للجواب إلا إذا كان بعيدًا عن العواطف .
    وحتى لا يقال : إنك حكمت على الإباضية من كلام خصومهم دعونا نسأل الإباضية أنفسهم هذا السؤال :
    فنقول أولاً: أنتم إلى مَن تنتسبون؟ يجيبون بأنهم ينتسبون إلى زعيم الفرقة عبد الله بن إباض، وهو رجل يعود نسبه إلى بني مرة.
    وقد ظهر زمن معاوية وبقي إلى زمن عبد الملك بن مروان في الدولة الأُموية . وهذا الرجل ممن يتفق الإباضية مع أهل السنّة على أنه كان مع أحد غلاة الخوارج، وهو نافع بن الأزرق زعيم الأزارقة الخوارج، ثم انفصل عنه ابن إباض, لأن نافع ابن الأزرق دعا ابن إباض إلى رأيه في استحلال دماء مخالفيه وتكفيرهم وقتلِ أطفالهم وسبي نسائهم وغنيمة أموالهم.
    فبم أجابه ابن إباض؟
    لقد أجابه بالآتي - وآمل أن تدقق في جواب ابن إباض - :
    أجابه بأنه لا يحل من المخالفين إلا دماؤهم، وما سوى ذلك من أموالهم فهو حرام.
    وهذا النقل عن ابن إباض سجله المؤرخون كالطبري وغيره، والأهم أن ممن سجله الإباضية أنفسُهم، كما سجله سالم بن حَمْد الإباضي صاحب كتاب (العقود الفضية)
    إذاً فابن إباض تورع عن استحلال الأموال وغنيمة النساء، أما دماء من خالفه فرأى أنها حلال، وهذا بعينه قول غلاة الخوارج.
    ومعلوم أن الدماء هي أشد ما عصي الله به بعد الشرك، كما قرر أهل العلم، فهذه البلية العظيمة لم يتورع عنها ابن إباض

    ردحذف
  6. بقى أمر مهم يروّج له الإباضية هو انتسابهم للتابعي الجليل أبي الشعثاء جابر ابن يزيد رحمه الله , حيث يدّعون أن ابن إباض أخذ عن جابر عقيدتهم هذه, فمذهبهم مأخوذ عن التابعين بزعمهم .
    وقد كذّب جابرُ بن زيد بنفسه هؤلاء الإباضية في انتسابهم إليه.
    وجاءت عنه أكثر من رواية في تبرُّئه منهم، كما في ترجمته في طبقات ابن سعد وغيرها، فقد روى ابن سعد بسنده أربع روايات فيها أنه بريء من الإباضية, منها أن عزرة الكوفيّ لما قال لجابر: إن هؤلاء ينتحلونك ؟ قال رحمه الله: أبرأ إلى الله من ذلك.
    ولما اشتد بجابر المرض تمنى أن يرى قبل موته الحسن البصري فجاءه الحسن وقال له في ضمن ما قال: إن الإباضية تتولاك؟ فقال بصريح العبارة: أبرأ إلى الله منهم . فسأله الحسن: ما تقول في أهل النهر؟ (وهم قدماء الخوارج) فقال: أبرأ إلى الله منهم.
    فانتسابهم لجابر رحمه الله بهتان لا شك فيه.
    واسأل الإباضية هذا السؤال الدقيق: إذا كنتم تنتسبون لجابر فلماذا صار اسمكم (الإباضية) نسبةً لابن إباض، ولم تُسمَّوا بالجابرية، نسبة لجابر؟ أتدري بم يجيبون؟
    يجيب بعض الإباضية المعاصرين بأن السبب في عدم نسبة المذهب لجابر ـ مع أنه من أعلم التابعين وأفضلهم ـ يجيب بأنه لا يدري.
    والحق أنه يدري، لكن الجواب على السؤال هو أن جابراً بريء من انتسابهم إليه، وهم يريدون أن ينتسبوا إليه، ولو رغماً عنه رحمه الله، مع أنه صرح بأنه يتبرأ إلى الله منهم، فهم في انتسابهم هذا كانتساب الشيعة لعلي وآل بيته رضي الله عنهم، مع أنهم منهم براء.
    إذاً فالمذهب الإباضي يعود إلى ابن إباض الذي تقدم أنه يستحل دماء من خالفه، وهذا من أكبر معالم الخوارج عبر التاريخ.
    ثانياً: اسأل الإباضية هذا السؤال الأكبر أهمية، ليتبين لك هل هم خوارج أم لا؟
    ما تقولون في الخوارج الأوائل الذين خرجوا على علي رضي الله عنه، وسُمُّوا بالمحكّمة الأولى وقاتلوا عليّاً رضي الله عنه؟
    ومِن قَبل ذلك اشتركوا في قتل عثمان رضي الله عنه في بيته وبين نسائه، ثم انضموا لجيش علي رضي الله عنه واشتركوا معه في القتال في صفّين ثم طلبوا منه أن يوقف المعركة وإلا أخذوه برُمّته ورموا به إلى جيش أهل الشام، وحذَّروه بأن ما فعلوه بعثمان سيحلّ به إن لم يوقف الحرب، ثم بعد ذلك انحازوا إلى بلدة حروراء قرب الكوفة وتجمعوا بها، وصبر عليهم علي رضي الله عنه حتى قتلوا عبد الله بن الصحابي الجليل خباب بن الأرت , وقد ذبحوه ذبحاً كما تذبح الكباش، وشقُّوا بطن أم ولده وكانت حاملا وقتلوها وحَمْلَها كما رواه ابن أبي شيبة والآجري وغيرهما، فلذا قاتلهم علي رضي الله عنه وقاتلهم معه الصحابة رضي الله عنهم، واتفق أهل العلم على أن قتال علي لهم حق لا مرية فيه، وأن النصوص النبوية في البخاري ومسلم وغيرهما من دواوين الإسلام العظيمة قد أَمَرتْ بقتالهم، حتى قال صلى الله عليه وسلم: لئن أدركتم لأقتلنهم قتل عاد.
    فهؤلاء الخوارج المفسدون في الأرض إذا سألت الإباضية عنهم أكانوا على حق أو باطل؟ فبم يجيبك الإباضية؟
    إن أول من يجيبك على هذا زعيمُ الإباضية عبد الله بن إباض بنفسه، فقد بعث رسالة لعبد الملك يثني فيها على أولئك الخوارج الأوائل , بل ويصف ما فعلوه بعثمان رضي الله عنه من القتل الشنيع بأنه من الإنكار عليه!
    وهكذا فعلهم مع علي رضي الله عنه فقد عدّه ابن إباض نوعا من الإنكار عليه! ثم زعم ابن إباض في رسالته تلك أن هذين الخليفتين الراشدين تركا حكم الله، ثم قال عن هؤلاء الخوارج: نُشهد الله وملائكته أنَّا لمن عاداهم أعداء، وأنَّا لمن والاهم أولياء.
    والسؤال الذي من حق القارئ أن يبادر به هو : من الذي نقل هذا عن ابن إباض؟ هل هم أعداؤه , فلعلهم كذبوا عليه؟
    أبداً، لقد نقله عنه سالم بن حمد الإباضي في كتابه العقود الفضية في أصول مذهبه الإباضية, ونقله غيره عن ابن إباض , كالطبري في تاريخه، لكن المهم نقل الإباضية أنفسهم عنه.

    ردحذف
  7. ن.
    فهذا ابن إباض زعيم هذه الفرقة ينتمي صراحة لأولئك الخوارج الأوائل، بل ويصرح أنه يعادي من عادوه كعثمان وعلي رضي الله عنهما، ويوالي من والوا، ويُشهد الله وملائكته على هذا.
    فكيف لا يكون ابن إباض خارجيّاً وهو بهذا الحد الصريح من الانتساب لأولئك الخوارج الأوائل.
    ولهذا فإن الإباضية المعاصرين يعترفون بأنهم يُقرّون لأولئك الخوارجِ الأوائلِ ما فعلوه مع علي رضي الله عنه، بل ويبرّرون لهم خروجهم على علي رضي الله عنه، ويرون أن ما فعله أولئك الخوارج مشروع وواجب، كما صرح بذلك علي بن معمَّر في كتابه الإباضية بين الفرق الإسلامية، وكتابه الإباضية في موكب التاريخ, فهل تريد دليلاً أبلغ من هذا في أن الإباضية خوارج؟
    ثالثاً: إذا سألت الإباضيَّ: ما حكم أصحاب الكبائر من عصاة المسلمين في الآخرة، كمن يشرب الخمر أو يسرق؟
    يجيبك الإباضية بنفس الجواب الذي تميزت به الخوارج كلهم، ومن وافقهم كالمعتزلة, حيث يقررون أن هؤلاء العصاةَ يخلدون في النار خلوداً مستديما , كخلود الكفار، وإن كانوا موحِّدين غير مشركين، وإن كانوا مصلّين صائمين حاجّين.
    وهذا الموقف من صاحب الكبيرة هو من أبرز المعالم التي درج عليها الخوارج.
    ومن هنا أنكرت الإباضية أن تكون الشفاعة في أهل الكبائر الموحدين، ممن يدخلون النار، وزعموا أنها لمن مات على صغيرة أو أذنب ذنباً نسي أن يتوب منه! وزعم السالميُّ الإباضيُّ في كتابه (مشارق الأنوار) أن الشفاعة مقصورة على المؤمنين الذين أدَّوا الواجبات، وجانبوا المحرمات.
    وسبب اضطراب الإباضية في موضوع الشفاعة أن أصحاب الكبائر عندهم خالدون في النار، كما هو قول سلفهم من الخوارج القدامى، فلما احتُجَّ عليهم بنصوص الشفاعة المتواترة الدالة على أن الشفاعة في عصاة المؤمنين أرادوا حتى لا يقال: إنكم رددتم هذه النصوص، أرادوا جعلها في المؤمنين المطيعين، مع صراحة النصوص وتواترها في أن أهل الكبائر من الموحدين يخرجون من النار بعد أن يبقوا فيها ما شاء الله أن يبقوا.
    وهذه النصوص تهدم قول كل الخوارج في خلود أصحاب الكبائر في النار خلودَ الكفار وعدمِ خروجهم منها، فلذا أرادوا صرفها عن حقيقة معناها، حتى لا يختل قولهم في صاحب الكبيرة، وهو مختل بلا شك.

    ردحذف


  8. وقد خالف الإباضيةُ بهذا القول الذي غلوا فيه قول الله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
    فحصرت الآيةُ عصيان الله في نوعين: أحدهما لا يُغفر بحال من الأحوال، وهو الشرك بالله تعالى.
    والثاني: ما دون الشرك من الذنوب، ومنها الكبائر بلا شك، فهذه الذنوب بصريح القرآن تحت مشيئة الله، يغفرها لمن يشاء سبحانه.
    ودلت نصوص السنة على هذا, كحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه في المعاصي التي بايعهم صلى الله عليه وسلم على أن لا يفعلوها من السرقة والزنا وقتل الأولاد وغيرها، وفي آخره قال: "ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله، إن شاء عفى عنه، وإن شاء عاقبه". والحديث رواه البخاري وغيره.
    وأمثال هذه الأحاديث كثيرة، خالفها هؤلاء الذين قنّطوا أهل الكبائر من رحمة الله، وجعلوهم في الآخرة في منزلة فرعون وأبي جهل، وما ذاك إلا لجهلهم وقلة بصيرتهم، كما قال صلى الله عليه وسلم في الخوارج: [حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام]
    وهل يقارِن الموحِّدَ المذنبَ بالكافر الملحد إلا جاهلٌ قد بلغ في الجهل منتهاه؟
    إذا تبين لك صلةُ الإباضية بالخوارج بهذه الدلالات التي لا يستطيع أن يدفعها المنصف، فكل ما ورد من النصوص في ذم الخوارج منطبق عليهم بلا شك، والأحاديث في ذم الخوارج كثيرة معلومة في الصحيحين وغيرهما .
    وهذا من أكبر أسباب سعي الإباضية إلى التنصل من هذا الاسم: (الخوارج) لعلمهم بما وردت به السنة في شأن الخوارج من الذم والوعيد الشديد.
    وبكل حال فإن صلة الإباضية بالخوارج صلة الفرع بأصله، وهذا معلوم مقرّر عند أهل العلم، ولكن الإباضية المعاصرين يحاولون التنصل من اسم الخوارج، مع بقائهم على نفس المعتقدات التي لا يعتقدها إلا الخوارج. وما هذا إلا ذرٌّ للرماد في العيون ,

    ردحذف

  9. ولذا لاحِظ أنهم يتزينون بأنهم يعادون بعض غلاة الخوارج، ولاسيما نافعَ بن الأزرق، ليُظهِروا أنهم ليسوا من الخوارج، وهذا لا يجدي شيئاً، لأن الخلاف داخل فرق الخوارج نفسِها كثير معروف، فإن من سمات أهل الباطل المعروفة كثرةَ النزاعات فيما بينهم وتسارعَهم في تكفير بعضهم بعضاً، وللخوارج من هذا أكبر نصيب.
    وأقرب مثال على ذلك معاداة غلاة الخوارج لنافع بن الأزرق الذي يتزيد الإباضية بمعاداته، وكأنهم بمعاداته يبرؤون من اسم الخوارج ويسلمون منه، مع علمهم أن نافعاً قد عاداه غلاة آخرون من الخوارج, كالنجدات والصُّفَّرية وغيرهم.
    وما يحاوله الإباضية من عرضهم لمعتقدهم على أنه مذهب يماثل مذاهب الأئمة الأربعة: الحنفية، والمالكية ، والشافعية، والحنابلة، فهذا من الباطل المحال، لأن المذاهب الأربعة تناولت فقه الأحكام العملية في العبادات والمعاملات، في مسائل تقبل الاجتهاد، والعبرةُ عند المحققين من علمائها بما دلّ عليه الدليل.
    أما الإباضية فهم تيار اعتقادي داخل ضمن خط مبتدع, هو تيار الخوارج، والخلل المتعلق بهذا المذهب كبير كما ترى من عرضنا لبعض ما عليه هؤلاء القوم من الانحراف والضلال الاعتقادي، مع ملاحظة أن ضلالاتهم الأخرى لم نتعرض لها هنا، لكثرتها.
    فإنهم قد جارَوا المعتزلة الضُلّال في عدة مسائل من الاعتقاد, نقلوها عن المعتزلة نقل المسطرة, مع أن تلك المسائل التي ضلوا فيها لم تكن معروفة زمن الخوارج القدامى البتة, بمن فيهم زعيم الإباضية: عبدالله بن إباض .
    وذلك أن الضلال في تلك المسائل لم يحدث أصلا إلا في وقت متأخر , بعد وفاة ابن إباض ووفاة جميع الرؤوس القدامى من الخوارج, ثم جارى متأخرو الإباضية في تلك المسائل زعماء المعتزلة الذين نشؤوا بعد سنين من وفاة قدماء الخوارج ! كما هو قولهم الباطل في أسماء الله و صفاته تعالى , ونحوها من المسائل التي ضلت فيها المعتزلة, ورددت فيها شُبهًا هي بعينها ما يردده الإباضية اليوم, نقلوها عن المعتزلة نقلًا حرفيًّا, بدليل أنك تجدها في كتب المعتزلة بنفس الصياغة, فما أعجب هؤلاء القوم

    ردحذف
  10. ومما اختاره الإباضية المنع من المسح على الخفين وبطلان صلاة من صلّى ماسحاً على خفيه كما تقول الشيعة سواء بسواء.
    فليحذر شبابنا ولا يغتروا بما يرسله إليهم هؤلاء الإباضية الخوارج، مستغلين سهولة الوصول إلى الناس عبر وسائل الاتصال الحديثة، فإنهم إنما يريدون بهذا استغفال الناس، وليسوا وحدهم في هذا الطريق.
    فقبلهم سلك الشيعة المتأخرون منذ سنين ليست بعيدة هذا المسلك, وادعوا أنهم مظلومون، وأنهم يُكذب عليهم ويُنسب لهم ما هم منه برءاء, حتى افتَضَحوا بالجرم المشهود في إيران في بداية ثورتهم الشريرة, ثم في عدة أماكن من بلاد المسلمين من آخرها العراق وسوريا بأنواع شنيعة من الإجرام الذي أبان الله به حقيقتهم للأمة، إضافة إلى ما وُثّق وضُبط من كلام شيوخهم الذي سهل الله نشره بين الناس، بما تبيّن به حقيقة ما هم عليه من الكيد والكذب الذي أخفوا به فظيع ما هم عليه من الاعتقاد المبني على الضلال المبين والحقد الدفين على هذه الأمة، بدءاً بخيارها من السلف الصالح ومَن بعدهم إلى يومك هذا.
    وقد كان علماء السنّة يحذرون الناس من تلاعب الشيعة منذ سنين, وقبل أن يكشفهم الله على حقيقتهم التي تجلت لكل ذي عينين.
    وبناء عليه نقول: إياكم يا معاشر الشباب أن ترتكبوا نفس الغلطة التي ارتكبها مَن قبلكم ممن أحسن الظن بمعسول كلام الشيعة، فتحسنوا الظن بمعسول كلام الإباضية الخوارج، فإنهم امتداد لسلفهم الطالح الذين عادَوا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومجردُ انتمائهم لأولئك الخوارج المفسدين كافٍ في بيان حقيقة ما هم عليه، فكيف وأمرهم فيما ذكرنا أكثر من ذلك!
    ودعواهم الانتماء لخيار عباد الله كجابر بن زيد كذب منهم قبيح، رأيتم كيف أن زيداً كذّبَهم فيه وبرئ إلى الله منهم، وهم لا يزالون يدّعون الانتساب إليه مع كل ذلك.
    ولنتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الخوارج باقون في هذه الأمة، ولن ينقطعوا انقطاعاً كليّاً حتى يلحق آخرهم بالدجال، كما في حديث عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الخوارج قال: [كلما خرج قرن قُطع، كلما خرج قرن قُطع] حتى عددها مرات كثيرة ثم قال: [حتى يخرج الدجال في بقيتهم] وفي لفظ: [حتى يخرج في عراضهم الدجال]وفي حديث أبي برزة: [حتى يخرج آخرهم مع الدجال]،
    فاحذروا ياشباب الأمة هؤلاء الضلال من الإباضية الخوارج الملبسين على الناس حقيقتهم .
    وأختم بكلام بعض السلف: (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم) فلا تأخذوا أيها الأخوة أمور دينكم من أهل الضلال والزيغ، من الخوارج والشيعة وأعداء السنة، فإنهم يلبسون عليكم دينكم، كما قال أبو قلابة رحمه الله: لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم،، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالهم، أو يلبِّسوا عليكم ما كنتم تعرفون.
    فخذوا الحق من علماء السّنّة الذين سلكوا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم, فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا أن هذه الأمة ستفترق, ولن يسلم من شر هذا الافتراق إلا طائفة واحدة, حددها صلى الله عليه وسلم في حديث الافتراق فقال: [وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة] فلما سئل من هي؟ قال: [من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي.
    وفي لفظ قال: هي الجماعة]
    ولا ريب أن المقصود بهم الثابتون على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام في الأقوال والاعتقاد والأعمال.
    فهل الإباضية الخوارج على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم الذين يؤيدون الخوارج الأوائل الذين قاتلوا الصحابة رضي الله عنهم وقتلوا اثنين من خيارهم؟
    وهكذا الشيعة هل هم على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم الذين يكفرون الصحابة ويشتمونهم في وضح النهار. فلنتق الله، ولنأخذ الحق عن أهل السنة الذين لزموا سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم.
    ولنتجنب تلبيس أهل البدع الذين يستغلون قلة علم الناس بحيلهم وطرقهم المضللة.
    نسأل الله أن يكفي شرّهم، ويبين للأمة حقيقتهم، لينكشف ما عندهم من التحايل والالتواء والتلاعب بحقائق الأمور، والله المستعان على ما يصفون، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    ردحذف
  11. لاباضية يكفرون على بن ابي طالب رظي الله عنه
    وقد ترجمت له المحققة في الحاشية بقولها :
    " أبو المؤثر الصلت بن خميس البهلوي : من علماء الأزد الخروصيين العثمانين .
    كان ضريرا وكان من أجل فقهاء عمان ،
    وكان ممن يؤخذ عنه العلم في القرن الثالث الهجري كما شارك في الأحداث السياسية في عمان ،
    أدرك إمامة المهنا بن جيفر وإمامة الصلت بن مالك الخروصي كما عاصر راشدا وموسى ،
    وكذلك إمامة عزان بن تميم في نهاية القرن الثالث الهجري " .

    فقد جاء في سيرة أبي المؤثر هذا كما في ( السير والجوابات : 2/ 307 ) قوله :

    "... فهذا دليل على كفر علي ، وضلاله، وصواب أهل النهروان وعدلهم ،
    ثم أن عليا خلعه الحكمان فلم يرض حكمهما ، وفرق الله أمره ،
    فقتله عبد الرحمن بن ملجم غضبا لله !!!!
    وكان ذلك منه حــــــــــــــلالا
    لقتله الذين يأمرون بالقسط من الناس ،
    فرحم الله عبد الرحمن !!!!
    فكانت سيرة المسلمين بعد أهل النهروان واحدة وكلمتهم جامعة
    غير أنهم كانوا مقهورين في دار تقية بين ظهراني الجبابرة ،
    إلا من وجد منهم روح الجهاد فنهض إليه حتى يستشهد رحمهم الله " .
    ومن سيرة أبي المؤثر أيضا

    كما في ( السير والجوابات : 2/ 313 – 315 ) :

    " ذكر أئمة المسلمين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم :
    وأفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل وجه من الوجوه أبو بكر وعمر ،
    وليس عليهما تقديم لأحد في شيء من الأشياء وهما إماما المسلمين .
    ثم أئمة المسلمين من بعدهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :
    أبو عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعمار بن ياسر ،
    وعبد الله بن مسعود ، وأبو ذر ، وسلمان ، وصهيب ، وبلال ، وأبي بن كعب ،
    زيد بن صوحان الذي قتل يوم الجمل عند علي والمسلمين ، وخزيمة بن ثابت ،
    ومحمد وعبد الله ابنا بديل ،
    وحرقوص بن زهير السعدي ،
    وزيد بن حصن الطائي اللذان استشهدا بالنهروان عند الإمام عبد الله بن وهب الراسبي رحمهم الله .
    فهؤلاء أئمة المسلمين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ،
    وممن لم يدخل في الفتنة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ،
    ومن لم يسم وأنكر المنكر على أهله
    ومن شهد يوم الدار ،
    ويوم الجمل ،
    ويوم صفين ،
    وشهد النهروان من المسلمين ،
    ومن لم يشهد هذه المشاهد ممن مات على دينهم ،
    ومن مات قبل اختلاف الأمة
    فهم أئمتنا وأولياؤنا رحمهم الله .
    ثم من بعدهم عبد الله بن وهب الراسبي وأصحابه
    الذين جاهدوا معه يوم النهروان حتى استشهدوا – رحمهم الله – على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
    ثم عبد الرحمن بن ملجم رحمه الله .
    ثم من بعدهم فروة بن نوفل الأشجعي ، ووداع بن حوثرة الأسدي ،
    ومن استشهد معهما يوم النخيلة ،
    فقاتلوا بها أصحاب معاوية وأصحاب الحسن بن علي
    حتى استشهدوا – رحمهم الله – على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
    ومن دان بدين أهل النخيلة وأهل النهروان من لم يشهد معهم فهم أولياؤنا رحمهم الله .
    ثم خوارج المسلمين من بعدهم
    ثم قريب والزحاف ،
    وما قاتل معهما زياد بن أبي سفيان بالكوفة حتى استشهدوا رحمهم الله " الخ من ذكرهم حتى قال :
    " ... ومحمد بن هاشم بن غيلان ، وموسى بن علي ، وسعيد بن محرز ، والوضاح بن عقبة ، ومحمد بن محبوب ،
    أئمة المسلمين وفقهائهم رحمهم الله ورضي عنهم ،
    وجزاهم عنا أفضل الجزاء بما آثروا من دين المسلمين ، واتقوا الله ،
    ورعوه من عهود الله ،
    وقاموا به من شرائع الله وأحيوه من سنن الله ،
    فرحمة الله عليهم ومغفرته ورضوانه "


    !

    ردحذف
  12. 1- لا يوجد للكتاب أصل مخطوط موثوق
    2- الربيع بن حبيب الفراهيدي شخصية لا وجود لها في التاريخ ، ولم تلدها أرحام النساء ، وإنما نسجها خيال الإباضية لنصرة باطلهم ، فهم يزعمون أنه قاد الحركة الإباضية بالبصرة تعليقاً وتنظيماً ، وأنه ثقة مرتضى تتلمذ عليه رجال من الشرق والغرب من العرب والبربر ، وأنه توفي سنة 170 هـ . ونحن بدورنا نسألهم فنقول: نَّى لكم هذا ؟ ومن أين أخذتموه ؟ أعطونا مرجعاً من المراجع القديمة المعروفة قبل سنة 1000 للهجرة ، سوى كان ذلك المرجع لأهل السنة ، أو للإباضية ، أو للرافضة ، أو لليهود ، أو للنصارى ، أو لغيرهم ، أما المراجع الحديثة كالأعلام للزركلي ، أو معجم المؤلفين لعمر رضى كحالة أو نحوها فهي تؤكد على أن هذه الشخصية اُختلقت مؤخراً ، وهي إنما تلقت هذه المعلومات في إباضية هذا العصر . ومن تأمل كتب الرجال كطبقات ابن سعد ، والتاريخ الكبير للبخاري ، والجرح والتعديل لأبن أبي حاتم ، ونحوها من كتب التراجم ، يعلم علم يقينياً أنه ما من شخصية عرفت بعلماء أو دعوة أو غيرها – وبالأخص القرون الثلاثة الأولى – إلا ونجد عنها خبراً – ولومجرد ذكر – فكيف يمكن أن تعيش هذه الشخصية في بلاد كالبصرة ، في تلك الفترة ، وتقودحركة علمية ، ويتتلمذ عليها رجال من الشرق والغرب ، ومع ذلك لا تذكر بحرف ؟!
    3- شيخ الربيع في كثير من المواضع في هذا الكتاب هو أبو عبيدة مسلم ابن أبي كريمة التيمي بالولاء ، الذي يزعمون أنه تزعم الحركة الإباضية بعد جابر بن زيد ، وتوفي في عهد أبي جعفر المنصور سنة 158هـ. وهذا أيضاً لا توجد له ترجمة ، ونقول عنه كما قلنا عن الربيع بن حبيب .
    4- مرتب الكتاب هو أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني ، وهو _كما يزعمون _متأخر في القرن السادس ، وما قلناه عن الربيع وشيخه نقوله عن هذا أيضاً ، لأنه لا توجد له ترجمة في كتب الرجال التي عنيت بترجمة أهل ذلك العصر كالتكملة لوفيات النقلة ، أو سير أعلام النبلاء ، أو تاريخ الإسلام ، أو غيرها ، فجميع هذه الشخصيات التي لها علاقة مباشرة بالكتاب شخصيات مجهولة ندين الله عز وجل بأنها لم تنفخ فيها روح، ولم تطأ على أرض

    ردحذف
  13. 5- لو كان هذا الكتاب موجوداً منذ ذلك التاريخ الذي يزعمونه سنة 170 هـ تقريباً ، وأحاديثه معروفة ، لاشتهر شهرة عظيمة بسبب أسانيده العالية ، وكان الأقدمون من علمائنا يحرصون حرصاً بالغاً على علو الإسناد – كما هو حال هذا الكتاب – ولم يكونوا يمتنعون من الرواية عن الخوارج ، فقد رووا عن عمران بن حطّان الذي امتدح عبد الرحمن بن ملجم في قتله علياً رضي الله عنه ، فمن المعروف أن البخاري أخرج له في صحيحه ، فلو كان الربيع – وإن كان خارجياً – يروي هذه الأحاديث وهو ثقة ، لكان معروفاً ، ولعرف الكتاب ، ولعرفت تلك الأحاديث ، حتى وإن كان غير مرضي عنه كما هو واقع مسند زيد بن علي الذي يرويه أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي فإن هذا المسند تزعم الزيدية فيه كما تزعم الإباضية في مسند الربيع بن حبيب ، ولكن العلماء السابقون لما عرفوه بينوا ما فيه ببيان حال راويه ، فقال وكيع بن الجراح عن عمرو بن خالد هذا : ((كان في جوارنا يضع الحديث ، فلما فُطن له تحوّل إلى واسط)) ، وقال الإمام أحمد : (( كذاب يروي عن زيد بن علي عن آبائه أحاديث موضوعة )) ، ورماه بالكذب ووضع الأحاديث جمع من العلماء . فلو كان الربيع بن حبيب ومسنده معروفين ، لاشتهرا إن كان الربيع ثقة وكان مسنده صحيحاً ، أو لتكلم عنه العلماء إن كان الربيع غير ثقة وكان الكتاب مطعوناً فيه كما وقع لمسند زيد بن علي. ويؤكد هذا واقع الكتاب ، ففيه أحاديث لو كانت موجودة في ذلك العصر لا هتم بها العلماء غاية الاهتمام لشدة حاجتهم إليها ، كحديث : (( إنما الأعمال بالنيات)) فقد تكلم العلماء عن هذا الحديث كثيراً وعدّوه من غرائب الصحاح ، بل هو أول حديث يذكر في غرائب الصحاح ، لأنه لم يرو إلا من طريق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- ، ولم يروه عنه سوى علقمه بن وقاص الليثي ، ولا رواه عن علقمة سوى محمد بن إبراهيم التيمي ، ولا رواه عن محمد سوى يحي بن سعيد الأنصاري ، وعن يحي اشتهر . ونصّ العلماء على أنه لم يرو إلا عن عمر – رضي الله عنه - ، ولا يروى عن أحد من الصحابة غيره سوى رواية جاءت عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – وضعفها لأن أحد الرواة أخطأ فرواها عن الإمام مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد ، والص

    ردحذف
  14. جاء في الموطأ للإمام مالك من روايته للحديث عن يحي بن سعيد الأنصاري ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن علقمة ، عن عمر كما رواه غيره . ومع هذا كله نجد مسند الربيع بن حبيب يستفتح برواية عن البيع ، عن شيخه أبي عبيدة ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الأعمال بالنيات …… ألخ . وتعتبر هذه الرواية عندهم أصح من رواية حديث عمر . فلو كان ذلك كذلك ، لاهتم بها العلماء غاية الاهتمام ، أو على الأقل لنقدوها كما نقدوا روايته عن أبي سعيد !! ومثله حديث : (( اطلبوا العلم ولو في الصين )) . فهذا الحديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاؤا له في هذا المسند بطريقة تعتبر – كما يزعمون– من أصح الطرق – إن لم تكن أصحها - ، فيا للدهشة ! أما كان العلماء يعرفون تلك الطريق حتى يحكموا على الحديث بأنه موضوع ؟! لو كان هذا الكتاب موجوداً ، وتلك الطريق معروفة لما أغفلها العلماء الذين ملأ كلامهم عن الأحاديث وعللها الكتب ، وصنفوا في ذلك المصنفات ، كيحي القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعلي بن المديني ، ويحي بن معين ، والإمام أحمد ، والبخاري ، ومسلم بن الحجاج ، وأبي زرعة الرازي ، وأبي حاتم الرازي ، والنسائي ، والدارقطني ، بل هناك كتب صنفها العلماء تعني بالطرق الغريبة التي ترد لمتون معروفة من طرق أخرى ، كمسند البزار ، والمعجم الأوسط للطبراني ، مع ذلك لا تجد لهذه الطريق أدنى ذكر ، فَعَلاَمَ يدلّ هذا ! بل ترد فيه متون تناقض المتون الصحيحة مناقضة من كل وجه ، كحديث : (( ليست الشفاعة لأهل الكبائر من أمتي )) ، فإنه يعارض الحديث الصحيح : (( شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي )) ، فالحديث الأول مروي في هذا المسند برقم (1004) ، ولو كان معروفاً لذكر في بطون الكتب الحديثية وما أكثرها ، ونحن نتحدّاهم أن يعطونا كتاباً أُلف قبل الألف للهجرة ذكر هذا الحديث ولو مجرد ذكر ، حتى وإن كان من كتب الموضوعات ، والسبب أن الوضاعين لم يجرأوا على ما اجترأ عليه هؤلاء الذين كان أهل السنة يروون عن أسلافهم لأنهم لا يكذبون ، أما هؤلاء الإباضية فقد جمعوا كذب أسلافهم خلال أكثر من ألف عام فصبّوه في هذا المسند الذي لا يشك من له أدنى إلمام بعلم الحديث بأنه أتفه من أن يذكر ، ولا يسوى مداد حرف من حروفه

    ردحذف
  15. 6- لما واجه الإباضية مثل هذه الانتقادات زعموا أن السبب في عدم معرفة الكتاب ولا مؤلفه : معارضة الحكومتين : الأموية والعباسية للحركة الإباضية ، مما اضطرها إلى أن تعيش بثقافتها وتراثها في السراديب ، ولم تتهيأ للكتاب الفرصة المناسبة للخروج حتى يعرف ، ولا لمؤلفه كذلك. وهذا الكلام غير صحيح ، لأنهم يزعمون أن أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة تتلمذ على جابر بن زيد وتزعم الحركة الإباضية بعده ، فلماذا عُرف جابر بن زيد ، ولم يُعرف هو، ولا تلميذه الربيع ابن حبيب ، مع أنهما كانا يقودا حركة بأكملها ، والقادة هم أول من يُعرف ، بل إن من يتتبع ذاك الصراع الطويل للخوارج بأكملهم مع الأمويين والعباسيين يجد زعماء الخوارج معروفين ، ومواقفهم وشجاعتهم معروفة ، ولكن لم يرد لأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ولا تلميذه الربيع بن حبيب أدنى ذكر . وكذلك أيضاً فإن تلاميذ جابر بن زيد معروفون ، ولم يُذكر فيهم أبو عبيدة ، فكيف يمكن التسليم لهم بأن الربيع بن حبيب تتلمذ عليه رجال من الشرق والغرب من العرب والبربر ؟ أما كان يُعرف واحد من هؤلاء الرجال يقول في ذلك الوقت : حدثني الربيع بن حبيب حتى نعلم أن الله خلقه ؟!!! وإذا كان هذا الكلام صحيحاً لماذا لم يختف عمران بن حطان الخارجي وتختف أحاديثه ؟ كيف استطاع أهل السنة الرواية عنه ؟ وإذا كان هذا الكلام صحيحاً ، فلماذا لم يظهر الكتاب أثناء قيام الدولة الرستمية الإباضية في المغرب ، من الذي كان سيبطش بالكتاب أو بجملته وهناك دولة تحميه ؟! لكننا نعرف السبب ، وهو أن الكتاب لم يكن معروفاً آنذاك ، وإنما كانت الدولة الرستمية تتلقف ما خلفه فكر الخوارج على ممر السنين دون أن يكون هناك مستند علمي مسطور. ولما واجه الإباضية مثل هذه الانتقادات التي تهدم بنيانهم ، وتأتي عليه من أساسه ، زعموا أن الربيع بن حبيب شخصية معروفة ، وذلك بعد أن ذهبوا يتلمسون في الكتب لعل هناك من يسمى بهذا الاسم ، فحداهم الشوق إلى أن ظفروا برجل يسمى الربيع بن حبيب زعموا أن الإمام أحمد قد وثقه ، ولكن الهوس أعماهم عن النظر في نِحْلَة ذلك الرجل ، ولم ينتبهوا إلى أنه شيعي ، وشتان بين الشيعي والخارجي ، ومع ذلك فلم يذكروا أنه فراهيدي ، ولا أزدي ، وإنما ذكروا أنه مولىً لبني عبس ، أو حنفي – على اختلاف بين العلماء في التفريق بين الاثنين أو جعلهما واحداً ، والإمام أحمد يرى أنهما واحد - ، ولم يذكروا عنه أنه روى عن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ، ولا أنه ألّف

    ردحذف
  16. لمسند ، أو روى شيئاً من هذه الأحاديث التي ضمها المسند وما أكثر المناكير فيها ، وإنما استنكروا على الربيع بن حبيب الشيعي حديثاً رواه وهو قول علي رضي الله عنه : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السَّـوْم قبل طلوع الشمس ، وعن ذبح ذوات الدَّرّ ، وإنما وثقه الإمام أحمد لأنه يرى أن الخطأ في هذا الحديث من غيره . فالشاهد أنه ليس لديهم أدنى دليل يدل على أن هذا الرجل العبسي أو الحنفي هو صاحبهم الفراهيدي الأزدي ، والله أعلم. هذا مع أن الكتاب ترد فيه أحياناً أسماء لشيوخ الربيع بن حبيب وغيرهم ، وهم مجاهيل أيضاً لا يُعرفون ، والكلام عنهم كالكلام عن الربيع وشيخه. والكتاب بجملته إنما وضع لنصرة الخوارج في تكفير مرتكب الكبيرة ونفي الشفاعة ونفي الرؤية ونفي كثير من الصفات إن لم تكن كلها ، وغير ذلك مما تضمنه مذهبهم الباطل ، ويحاولون الاستدلال على ذلك بالسنة المكذوبة بعد أن عجزوا عن القرآن ، وصنعوا ما لم تصنعه طائفة غيرهم حين اختلقوا هذه الأحاديث في هذه الأعصار المتأخرة ، وما علموا أن العلماء قالوا : (( لما استعمل الرواة الكذب ، استعملنا لهم التاريخ

    ردحذف
  17. (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق))

    ها هو التاريخ يعيد نفسه ..

    شكك سعد الحميد في مقال له نشره المدعو " سليل المجد " في مسند الإمام الربيع بن حبيب رحمه الله تعالى .

    ويذكرنا هذا بالخراشي الذي نشر مقاله الأول أبو عبد الإله ، فما أشبه الليلة بالبارحة ، والسعيد من اعتبر بغيره ، ولكن "ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور" ولست أشك في أن نهاية هذا كنهاية ذاك حيث نكص على عقبيه وولى الأدبار ولننظر النتيجة فإنها قريبة ، إن شاء الله .

    أثار سعد الحميد الذي أعطي لقب "الشيخ" قضايا حول مسند الإمام الربيع وسأتناولها واحدة تلو الأخرى ، ولن أطيل فيها ، فمن لم ينفعه قليل الحكمة ضره كثيرها .

    القضية الأولى : شخصية الإمام الربيع بن حبيب .. وباختصار يقول الإباضية عن هذا العالم الجليل :

    هو أبو عمرو الربيع بن حبيب البصري الفراهيدي ، ثالث أئمة المذهب الإباضي ، ولد في عمان ثم انتقل إلى البصرة فمكث هناك أغلب حياته وعاد في آخر عمره إلى عمان مسقط رأسه وتوفي فيها ، وقبره في ولاية "لوى" التي فيها نسبة غير قليلة من السنة .

    من شيوخه :
    - أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي.
    - ضمام بن السائب العماني.
    - أبو نوح صالح الدهان.

    ردحذف
  18. ذا باختصار ما يقوله الإباضية عن الإمام الربيع ، فماذا يقول العالم النهرير والشيخ الكبير فريد دهره ووحيد عصره سعد بن عبدالله بن عبدالعزيز الحميد .. اسمعوا أيها العقلاء :

    "الربيع بن حبيب الفراهيدي شخصية لا وجود لها في التاريخ ، ولم تلدها أرحام النساء ، وإنما نسجها خيال الإباضية لنصرة باطلهم ، فهم يزعمون أنه قاد الحركة الإباضية بالبصرة تعليقا وتنظيما ، وأنه ثقة مرتضى تتلمذ عليه رجال من الشرق والغرب من العرب والبربر وأنه توفي سنة 170هـ . ونحن بدورنا نسألهم فنقول أنى لكم هذا ؟ ومن أين أخذتموه ؟ أعطونا مرجعا من المراجع القديمة المعروفة قبل سنة 1000 للهجرة سواء كان ذلك المرجع لأهل السنة أو للإباضية أو للرافضة أو لليهود أو للنصارى أو لغيرهم ، أما المراجع الحديثة كالأعلام للزركلي أو معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة أو نحوها فهي تؤكد على أن هذه الشخصية اختلقت مؤخرا ، وهي إنما تلقت هذه المعلومات في إباضية هذا العصر . ومن تأمل كتب الرجال كطبقات ابن سعد والتاريخ الكبير للبخاري والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ونحوها من كتب التراجم يعلم علما يقينيا أنه ما من شخصية عرفت بعلم أو دعوة أو غيرها وبالأخص القرون الثلاثة الأولى إلا ونجد عنها خبرا ولو مجرد ذكر فكيف يمكن أن تعيش هذه الشخصية في بلاد كالبصرة في تلك الفترة وتقود حركة علمية ويتتلمذ عليها رجال من الشرق والغرب ، ومع ذلك لا تذكر بحرف ؟"!

    ردحذف

  19. أولا : قبح الله الجهل وأخزى الحماقة .

    ثانيا : الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به بعض عباده .

    ثالثا : الإمام الربيع بن حبيب ذكره علماء كثيرون وذكره المقدمون في فن الحديث والرجال ، وأما كتب الإباضية فقلما يخلو كتاب ألفه إباضي من ذكر هذا الإمام الجليل ابتداء من القرن الثاني الهجري إلى يومنا هذا ، وخذ مثلا :

    1- مدونة أبي غانم الخراساني (ت أوائل القرن الثالث).
    2- جامع ابن جعفر (القرن الثالث).
    3- "جامع أبي الحواري" (القرن الثالث).
    4- "المعتبر" للإمام أبي سعيد الكدمي (القرن الرابع).
    5- "جامع ابن بركة" (القرن الرابع).
    6- "جامع أبي الحسن البسيوي" (القرن الرابع).
    7- "السير" لمجموعة من العلماء (من القرن الثاني إلى الرابع).
    8- "بيان الشرع" لمحمد بن إبراهيم الكندي (القرن الخامس).
    9- "المصنف" لأحمد بن عبدالله الكندي (القرن السادس).
    10- "طبقات المشايخ" للدرجيني (القرن السابع).
    11- "الجواهر المنتقاة" للبرادي (القرن الثامن).
    12- "السيــر" للشماخي توفي عام 928هـ

    كل هذه الكتب لعلماء توفوا قبل سنة 1000هـ وغيرهم كثير جدا .

    وأما غير الإباضية فذكر منهم الإمام الربيع بن حبيب البصري الأئمة وأقطاب الجرح والتعديل :

    1- البخاري في كتابه "التاريخ الكبير" الذي نفى ذكر الإمام الربيع فيه شيخ المحدثين سعد الحميد ، وأما الإمام البخاري فذكره فقال : (ج3 ص 277)
    ربيع بن حبيب : سمع الحسن وابن سيرين روى عن موسى البصري

    2- ابن حبان : قال في كتاب "الثقات" ج6 ص 299:
    الربيع بن حبيب يروي عن الحسن وابن سيرين ، روى عن موسى بن إسماعيل
    3- ابن شاهين في كتابه "تاريخ أسماء الثقات":
    - والربيع بن حبيب أيضا بصري ، عن الحسن وابن سيرين ، وهو ثقة.

    4- يحيى بن معين في كتابه "التاريخ" في عدة مواضع سيأتي ذكرها.

    5- الإمام أحمد بن حنبل: ذكره بما لا يدع مجالا للشك في كتابه "العلل ومعرفة الرجال" (طبعة المكتبة الإسلامية الطبعة الأولى 1408هـ – 1988)
    يقول عبدالله بن الإمام أحمد (ج2 ص 56 رقم 1538أ):
    "سمعته يقول : كان يقدم علينا من البصرة رجل يقال له الهيثم بن عبدالغفار الطائي يحدثنا عن همام عن قتادة رأيه ، وعن رجل يقال له الربيع بن حبيب عن ضمام عن جابر بن زيد وعن رجاء بن أبي سلمة أحاديث

    ردحذف
  20. أفهمت يا عالم العلماء !

    "كان يقدم علينا من أهل البصرة رجل"
    "وعن رجل يقال له : الربيع بن حبيب عن ضمام عن جابر بن زيد"
    وهذا النص موجود في تاريخ بغداد ج14 ص 55

    الا انه قال : "همام عن جابر بن زيد" ولا شك أنه تصحيف عن ضمام لورودها كذلك في كلام الإمام أحمد وجابر بن زيد هو أبو الشعثاء إمام الإباضية ، وأما ضمام فهو ابن السائب العماني الإباضي ذكره أيضا يحيى بن معين في "التاريخ" (طبعة دار القلم بيروت برواية الدوري) في موضعين :
    - جـ2 ص157 رقم 3940
    - جـ2 ص 268 رقم 4723.

    وذكره الدولابي في "الكنى والأسماء" جـ2 ص 74 ، 75

    وقد تقدم أن ضماما من شيوخ الإمام الربيع .
    وروى الربيع في المسند عن ضمام عن جابر بن زيد الحديث رقم 520 ، وروى عنه الحديثين 112 ، 688 بواسطة أبي عبيدة مسلم .

    والربيع بن حبيب هذا هو الإباضي المعروف ، وهو يختلف عن الآخرين اللذين ذكرا باسم الربيع بن حبيب ، وهما :

    1- الربيع بن حبيب أبو سلمة الحنفي من أهل اليمامة :

    ذكره البخاري في ( التاريخ الكبير ) وابن حبان في ( الثقات ) والذهبي في (ميزان الاعتدال) ، والمزي في (تهذيب الكمال) وابن حجر في (التهذيب) و (التقريب) وهو ثقة .

    2- الربيع بن حبيب الكوفي أخو عائذ بن حبيب يقال لهما بنو الملاح .

    ذكره البخاري في (التاريخ الكبير) ، وابن حبان في (المجروحين ) والذهبي في الميزان والمزي في التهذيب وابن حجر في التهذيب والتقريب وهو مختلف في توثيقه .

    أما الربيع بن حبيب البصري فإلى معشر القراء الكرام شهادة يحيى بن معين فيه من كتابه التاريخ :
    1- ج1ص260 رقم(1711) : الربيع بن حبيب أيضا بصري ، يروى عن الحسن وابن سيرين ، وهو ثقة .
    2- ج2 ص87 رقم 3406 : الربيع بن حبيب ، بصري ثقة .
    3- ج2ص113 رقم 3593 : الربيع بن حبيب بصري يحدث عن الحسن وابن سيرين وهو ثقة .
    4- ج2ص195 رقم 4206 : الربيع بن حبيب البصري ، ثقة .
    5- ج2 ص263 رقم 4697 : الربيع بن حبيب بصري يروي عنه أبو داود وعفان .

    ردحذف